التريليونات العربية حلال لترامب… حرام على العرب

كتب :حسام حفني
في مشهد يعكس اختلال الأولويات واغتراب القرار السياسي عن نبض الشارع تهدر ثروات العالم العربي في صفقات عبثية مع القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بينما تشد الأحزمة على الشعوب ويطلب منها الصبر على أزمات معيشية لا تنتهي المفارقة الكبرى أن هذه التريليونات لا تستثمر في التنمية أو التعليم أو البحث العلمي بل تقدم على طبق من ذهب لدعم حلفاء الخارج وشراء رضاهم.
ولقد شهدت العقود الأخيرة تدفقا غير مسبوق للأموال العربية نحو الغرب خصوصا في شكل صفقات تسليح ضخمة و استثمارات حكومية وشراء نفوذ دبلوماسي.
في المقابل لم ينعكس هذا الإنفاق على تمكين الأمة أو تعزيز سيادتها بل على العكس عمقت هذه السياسات التبعية ورسخت ارتهان القرار السياسي العربي بمراكز القوى العالمية.
في الداخل تعاني العواصم العربية من بنى تحتية متهالكة ومستشفيات فقيرة ونظم تعليمية متخلفة يعاني الشباب العربي من أعلى معدلات البطالة في العالم بينما تغلق أمامه أبواب الأمل في حين يتم إنفاق مئات المليارات على قِمم شكلية ومشاريع تلميع خارجي تفتقد المدن العربية أبسط مقومات الحياة الكريمة.
هذه المفارقة تعيد إلى الأذهان مقولة الشاعر: “حرام على بلابله الدوح، حلال للطير من كل نوع.” يُقمع العربي في وطنه إن طالب بحقوقه ويشيطن إن دعا للإصلاح بينما يفتح المجال للأجنبي ليتحكم بثرواته وقراراته دون حسيب أو رقيب يمنع المواطن العربي من حقه في السكن والتعليم والدواء، وتُمنح الثروات لترامب ومن بعده تحت شعارات الأمن والتحالف والاستقرار.
لقد آن الأوان لمراجعة جذرية في السياسات الاقتصادية والسيادية في العالم العربي. فلا كرامة لأمة تهدر ثرواتها على غير أبنائها، ولا مستقبل لشعوب تُعامل كعبء بينما تُقدَّم خيراتها قرابين لحماة الكراسي. إن بناء الداخل هو الضمان الوحيد للاستقلال الحقيقي، وأي طريق غير ذلك لن يقود إلا إلى مزيد من التبعية والانهيار.






