تقارير و تحقيقات

العريش ..مدينة النوارس والنخيل ..أكبر حاضرة في شبه جزيرة سيناء

العريش ..مدينة النوارس والنخيل ..أكبر حاضرة في شبه جزيرة سيناء

تحقيق : محمود  الشوربجى / حاتم عبدالهادى السيد :

العريش مدينة الجمال والنوارس؛ حاضرة المتوسط ، وعبر شاطىء النخيل وجدناها تحتضن الشموخ في زهو؛ حيث النخيل يموسق المدى على شاطىء البحر المتوسط الساحر، حيث الكراكى، وطائر السمان والبجع، وحيث العريش تختط لنفسها مساحة في عمر الزمان؛ فعلى أرضها نشأت الحضارات منذ أقدم العصور، وكانت معبراً للجيوش، والطريق الدينى الشهير لرحلة العائلة المقدسة من صعيد مصر إلى فلسطين، كما كانت تمثل مرتكزاً أساسياً لطريق الحج المصرى القديم. ونظراً لأهميتها التاريخية فقد كانت مطمعاً لأى مستعمر يريد احتلال مصر، فمن يستولى على سيناء، والعريش سهل له بعد ذلك أن يقبض على زمام مصر، ولقد عبرها نابليون والبريطانيون، كما عبرها المتنبى في رحلة فراره من كافور الإخشيدى؛ وسيف الدولة الحمدانى؛ كما كانت تمثل حاضرة سيناء، وتتجسد بها المدينية والبداوة معاً ؛ وفى هذا قال المتنبى :

حسن الحضارة مجلوب بتطرية وفى البداوة حسن غير مجلوب.

والعريش، هي عاصمة محافظة شمال سيناء وأكبر المدن الحضرية في شبه جزيرة سيناء، ويصل عدد سكانها إلى حوالى ثلاثة ملايين نسمة؛ وهى تطل على ساحل البحر المتوسط، على بعد 334 كم شمال شرق القاهرة. تتميز العريش بمياهها الزرقاء الصافية، وانتشار أشجار النخيل المثمرة على إمتداد الشاطئ، وعلى رمالها الناعمة البيضاء نجد ثروات سيناء من منجيز وفحم وبازلت ، ونحاس، حيث كان الفراعنة القدماء يعدنون النحاس في ” معبد سرابيط الخادم ” كما أشتهرت قديماً بأنها أرض الفيروز حيث كان المصريون يستخدمون الفيروز في تزيين صدور الغوانى وملكات مصر، ومنهم كليوباتر، وحتشبسوس ، كما تم تصدير الفيروز عن طريق ميناء عيذاب على البحر الأحمر ” بحر القلزم” ، ثم توسع الفراعنة في تصديره إلى كثير من دول العالم . ويخترقها مجرى وادي العريش والذي كان يصب مياهه في البحر عند العريش حين هطول الأمطار الموسمية على جبال وسـط سـيناء شتاءً وبعد إقامة سد الروافعة وتعليته جنوب المدينة انحسر خطر تدفق السيول على المدينة.كما يحدها شمالاً البحر الأبيض المتوسط وشرقاً الشيخ زويد ورفح وغرباً بئر العبد وجنوباً حدود محافظة جنوب سيناء وتقع المدينة على الطريق البري الذي يربط بين مدينة القنطرة ومدينة رفح وتبلغ مساحة المدينة 762 كم2 ،وتتميز مدينة العريش بطقس شبه صحراوي مدارى وتميل الحرارة للارتفاع فى فصل الصيف والدفء في الشتاء وتتعرض المدينة إلى رياح شمالية غربية ممطرة .المدينة مشهورة بزراعة النخيل ( نخيل البلح ) ولذلك فإن رمز مدينة العريش هو النخلة تحوطها دائرة ترمز إلى الشمس دليل على صفاء السماء وسطوع الشمس وأسفل الرمز مياه البحر وتحته سمكه تمسك بفمها غصن الزيتون الذي يرمز إلى السلام الذي تحقق وكذلك جودة إنتاج الزيتون في المدينة.

وكانت العريش ميناء هاماً منذ أقدم العصور ، كما كانت موقعا استراتيجياً على الطريق الحربي الكبير (طريق حورس) – طريق حوريس – وكانت تمر بها الجيوش دائماً. وفي العصور الوسطي، احتلت العريش أهمية خاصة خلال فتح العرب لمصر. وقد ذكرت المساعيد في أحاديث عمرو بن العاص حين جاءه خطاب عمر بن الخطاب ليرجع بالجيوش إن لم يدخل مصر، فسأل : أين نحن الآن؟ فقالوا في المساعيد من أرض مصر، فقال : إذن فهذا ” المساء عيد ” وتوالت الجيوش لفتح مصر آنذاك .. وفى الوقت الحاضر فإن مدينة العريش مركز النشاط الثقافى والاجتماعى في شمال سيناء.

ولنلحظ أن المدينة القديمة الواقعة كانت تقع في محيط السوق الفوقاني ” سوق الخميس ” ؛ وهو أشهر سوق تجارى ، وتاريخى ؛ كونه يقع بجوار ” قلعة العريش القديمة التى شهدت ” معاهدة العريش عام 1800م، واتسعت المدينة لتضم عدة أحياء منها :: حى المساعيد – ضاحية السلام – أبى صقل – الريسة – الفواخرية – الصفا – كرم أبو نجيلة – الشرابجة – السلايمة – السمران – آل أيوب – عاطف السادات – وسط المدينة – العبـور – الزهور.؛ أما قرى المركز فهى أربعة : الميدان ــ السكاسكة ــ الطويّل ــ السبيل.

أهم معالمها ومجتمعها:

تعتبر ” قلعة العريش ” أهم معالم المدينة القديمة، كما توجد بها قبور الأولياء مثل ” قبر ” النبى ياسر ” – ولى الدين ياسر -؛ مقر الأبرقين ؛ وله قصة قديمة في التراث الروحى، ومقر الشيخ عبدالله ، وسوق الخميس القديم، والمسجد العباسى، ومسجد المحطة، ومسجد النصر وهى مساجد تم بناؤها أيام الدولة المملوطية، وأيام الحكم العثمانى .

أما أهم معالمها الحديثة فتتمثل في : ميناء العريش البحري – مطار العريش الدولي -حديقة الحيوان – متحف التراث البيئي – قلعة لحفن الرومانية – أطلال قلعة العريش- القرى السياحية على شاطئ النخيل – المحطة البخارية بالمساعيد – كورنيش الشاطئ وكورنيش النخيل – مستشفى العريش العسكري- المجسم الحضاري لمدخل مدينة العريش- المركز الثقافي لمؤسسة الأهرام – متحف العريش القومي – حواجز أمواج شاطئ العريش.

 

وينقسم مجتمع مدينة العريش إلى ثلاث أقسام رئيسية، “القبائل”: وهم بدو سيناء وهي القبائل العربية التي هاجرت من الجزيرة العربية واستوطنت بالمحافظة في العصور القديمة، “الحضر”: وهم سكان المدينة من العائلات الحضرية وهم خليط من المواطنين الذين استوطنوا هذه المدينة من أجناس و أعراق متعددة، “الوافدين”: وهم المواطنين الوافدين من شتى بقاع جمهورية مصر العربية بغرض التنمية والتوطين.

شارع 23 يوليو أكثر شوارع المدينة ازدحاما

يبدأ شارع 23 يوليو من مسجد المحطة “محطة السكة الحديد” قديماً الواقعة على طريق البحر بشارع الفريق فؤاد ذكري ويمتد جنوباً إلى أن ينتهي بميدان البلدية “الموقف القديم، قيل في سبب تسميته بشارع 23 يوليو بأنه يعد رمزاً لثورة يوليو المصرية عام 1952 ميلادية، والتي أعلن فيها استقلال الوطن. وسُمي هذا الشارع من قبل بشارع “المحاسنة” والمحاسنة من العرايشية وهي العائلة الأكثر عددا التي تقطن هذه المنطقة يميناً ويساراً بمحاذاة الشارع المذكور.

«مسجد المحطة» وهو أول نقطة في شارع 23 يوليو تجاه البحر والمطل أيضا على الشارع الصغير الممتد من مسجد الخلفاء الراشدين وحتى مبنى الحكمدار أمام منطقة “آل ياسر”، ورممت الحكومة المسجد بعد حرب 1967 وقامت بتوسعته والذي تعرض حينها “أثناء الحرب المنكوبة” إلى قذائف وشظايا كان يطلقها الجنود الاسرائيليين على المقاتلين المصريين. وسُمي بمسجد المحطة نسبة إلى محطة السكة الحديد آن ذاك وظل الأهالي يطلقون عليه هذا الاسم إلى الآن.

هذا وحول المسجد عدة مباني وخرائب قديمة قيل أنها من بناء الإنجليز، هو مبنى المخابرات العامة القديم. هذا وكان يوجد بمحطة السكة الحديد منزل خاص لناظر المحطة ومخزن كبير للبضائع التي كان يتم شحنها عبر القطارات والخاصة بالركاب والتجار إلى أن تصل إلى المحطة لتخزينها مقابل مبلغ مالي كانوا يطلقون عليه “أرضية” حتى أن يأتي صاحبها بعد دفع الأرضية و يستلم بضاعته.

وعلى بعد 100 متر تقريبا جنوب المحطة حديقة عامة أطلق عليها ميدان المالح، وهي في المقابل من مسجد المالح الواقع على الطريق العام في المنحنى الصغير مدخل قلب مدينة العريش، وقامت الحكومة بتجديده في القرن الماضي وأطلقت عليه الحكومة اسم ميدان الساعة، وتم تجديد الميدان في عام 2020م وتم افتتاحه في أعياد انتصارات أكتوبر مع 4 ميادين أخرى تم تطويرها وبنائها من جديد داخل مدينة العريش، وشرق الميدان مبنى البنك الأهلي المصري، تم بناؤه في عام 2011م.

«فندق سينا صن»: على بعد 300 متر تقريبا جنوب ميدان الساعة الجديد، وهو فندق مشهور يقع في مطلع شارع 23 يوليو، وهو فندق 3 نجوم ويحتوي على 54 غرفة وهو فندق قريب من شاطيء البحر.

«مقر الهلال الأحمر الجديد»: ويبعد عن فندق سينا صن السالف ذكره بنحو 400متر تقريباً تجاه الجنوب الشرقي، وعند هذه النقطة ينقسم شارع 23 يوليو إلى اتجاهين ذهاب وإياب إلى ميدان مجمع النصر الإسلامي، وكان المقر قسم شرطة ثان العريش، وقبلها كان ديوان عام مديرية الأمن، وقبلها مقر الهلال الأحمر القديم، فيما يعرف هذا المكان بقسم ثان القديم إلى اليوم، وأمام المقر مبنى ضخم به عدة طوابق في الدور الأرضي مقر بنك القاهرة فرع شمال سيناء، وعلى جنوب المقر شركة خاصة للحراسات والأمن والنظافة تدعى شركة “كير سيرفيس”. أما عن مقر الهلال الأحمر القديم، فيقول الكاتب السيناوي عبد العزيز الغالي، عضو اتحاد كتاب مصر، أن لهذا المكان قصة مشهورة تسمى بإسم صاحبتها “أرض خديجة عودة” جعلت منها أول ناشطة حقوقية واجتماعية سيناوية ،حيث ارتأت السلطة آنذاك ممثلة فى سلاح الحدود وعلى رأسها العميد/ محمد عبدالمنعم القرمانى محافظ سيناء مصادرة أرضها فقامت (خديجة) بالتظاهر والاعتصام والإضراب عن الطعام وساندها مجموعة كبيرة من الأهالي ووقف بجانبها عضو مجلس الأمة آنذاك المهندس/ توفيق الشريف ووقف معها أبو سامى (السيوى)أحد ظرفاء العريش وكان جارا لها وحين قيل له: أنت تقف بجانب خديجة وتساندها ولم نعلم قبل ذلك أن لك نشاطاً مناهضا للسلطة ولم يمس لك أحد طرف؟ فقال قولته المشهورة (اللى بياخد أرض خديجة اليوم…بكرة بيثنى بأرض أبو سامى!).

كما كان بالقرب من المقر مكاناً متسعاً يقال له : «ترجة علام» نسبة إلى (شركة النصر للمقاولات-حسن علام وشركاه والتي قامت بتنفيذ رصف الشارع وكانت هذه المنطقة من الشارع بها (طلوع ونزول) حاد فأطلق عليها العامة لفظة (ترجة) حتى أن الدواب التي كانت محملة بالأثقال وتريد أن تسلك هذه المنطقة يلزم أصحابها أو راكبيها أن يترجلوا من فوقها وأن يساعدوها فى مواصلة السير دون عناء.

وعلى بعد أمتار من مقر الهلال الأحمر يقع بنك الإسكندرية وكذلك بنك الإسكان والتعمير، وكذلك مدرسة العريش العسكرية وثم البنك العقاري المصري. ولقد تم احتلال مدينة العريش من قبل الإحتلال الصهيونى، إلى ان جاءت اتفاقية ” كامب ديفيد ” لتتحرر سيناء وتعود إلى مصر من جديد .

إنها العريش، مدينة التراث والتاريخ، وأرض القمر التى كان القمر يتربع في صدر صحرائها، فتقام حفلات السامر السيناوى الجميلة، وسباقات الهجن، ويتم القاء الشعر البدوى الجميل .

تحقيق مشترك :

محمود حسن الشوربجى / حاتم عبدالهادى السيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى