اشرف محمدين يكتب : تصفية الحسابات فى انتخابات الأندية

عدّة أسابيع تفصلنا عن انتخابات مجالس إدارات الأندية المصرية، وهنا يتساءل كل عضو في الجمعية العمومية، الذي سيذهب بمحض إرادته ليمنح صوته لهذا المرشح أو لذاك: “هل هذا المرشح سيسعى لخدمة أبناء النادي والمنظومة الرياضية، ويضع المصلحة العامة نصب عينيه، أم سيتحول إلى أداة لتصفية الحسابات والمصالح الشخصية؟”
و للأسف ما يحدث في انتخابات الاندية من تشويه سمعة المرشحين لحساب مرشح آخر و قد تصل إلي الخوض في الأعراض او اتهامات بالفساد المالي دون دليل شيء غير مقبول و بعيد كل البعد عن الأخلاق الرياضية التي هي في الأساس منبع العمل التطوعي بالمنظومة الرياضية
في زمان تُبنى فيه الأمم بالرياضة، نصل نحن إلى وضع تنهار فيه رياضتنا بمنظومة لا تُدار بالعقل، ولا تُوجَّه برؤية واضحة، بل تُسَيّر بالأهواء، والمجاملات، وتصفية الحسابات. الرياضة ليست جسدًا منفصلًا، بل منظومة متكاملة قد تُحسب على نجاحها إدارات تحمل رؤية، أو تنهار بسبب مصالح ضيقة.
في كثير من الأحيان تتحوّل المناصب الرياضية إلى ساحات لتصفية الخلافات الشخصية أو لتسديد فواتير مؤجلة. لا تُتخذ القرارات على أساس الكفاءة، بل تتأسّس على الولاءات الشخصية، أو لإطفاء نار غيرة أو لإقصاء من حقق نجاحًا سابقًا. وهكذا تُقصى الكفاءات، ويُهمّش أصحاب الرؤى، بينما تنتصب الهيمنة للذين أتقنوا كلمات المدح والتطبيل.
ومما يُؤسف له أن هذا التوجه يسري في كل مفاصل المنظومة:
تنشغل بعض المجالس بتجهيز نفسها للانتخابات القادمة أكثر من التركيز على البطولات والتطوير.
تغدو بعض الأصوات في الإعلام الرياضي أكثر ارتعاشًا في دعايات “التهويل والإثارة”، وتقلّ الكلمات التي تدافع عن مصلحة الرياضة نفسها.
تلتهم الاستراتيجية طويلة المدى لصالح القرارات المتهورة التي تظهر في لحظة وتختفي في اللحظة التالية.
تُضخ الأموال في أمور تافهة بينما تُهمل البنية التحتية وأكاديميات الشباب التي تُوَلد أبطال الغد
والأخطر من ذلك أن ثقافة تصفية الحسابات الشخصية دخلت حتى إلى أبسط التفاصيل:
يُرفض تعيين مدرب أو إداري لأنه عبر مسبقًا عن رأيه، أو بسبب موقف جريء.
يُعاقب موظف و يتم ظلمه لمجرد انه ليس علي هوي ذالك المسئول
تشن حملات ممنهجة لتشويه صورة من يُظهر نجاحًا قد يُحرج القائمين.
تُستغل المنابر الإعلامية و الصفحات الرسمية للنادي لكيل الاتهامات بدل تسليط الضوء على الإنجاز.
إظهار مجلس الادارة السابق في صورة الفشل الدائم او الفساد او ماشابه ذلك
وغياب الشفافية يولّد الشك في نفوس الجمهور و أعضاء الجمعيه العمومية فيتخبط بين فشل ميداني مرئي، ونجاحات إعلامية فارغة لا تتعدى الورق. فيفقد الناس الثقة ليس في الشخصيات فقط، بل في الرياضة نفسها كوسيلة لبناء القيم ونهوض الأمم.
إن منظومة تقتل نفسها يوميًا بأيدي أبنائها لن تنهض إلا إذا قررت أن تعلن النصر على داخليها أولًا:
1. الإعلان عن الشفافية:
يجب أن تُفتح أبواب المجالس للجمهور، وتنشر قراراتها وأساليب اختيار الكفاءات، بعيدًا عن كل غطاء مبهم.
2. اختيار الكفاءات أولًا:
يتم انتداب القيادات على أساس الجدارة، لا الولاء. يُوظّف الإداري على أساس خبرته، والمدرب على أساس رؤيته، واللاعب على أساس موهبته وأخلاقه.
3. الابتعاد عن صراعات النفوذ:
تتحوّل الرياضة إلى ميدان تنافس شريف، فكل فرد في المنظومة يتحرر من ملاحقة الحسابات الشخصية، ويتجه لخدمة اللعبة ومجتمعه.
4. بناء استراتيجية مستدامة:
تُرسم رؤية واضحة للخمسة أعوام القادمة، مع تحديد أولويات: تطوير البنات، إنشاء جامعات رياضية، تقوية البنى التحتية، وتحفيز الشباب ورواد المستقبل.
5. رفع وعي الجمهور:
تُشرك جماهير النادي والمواطنين في الحوار العام، بتوعية مستمرة حول دور الرياضة في بناء القيم، وتأكيد أن التشكيك المستورد ليس جزءًا من تاريخنا.
6. رقي الخطاب الإعلامي:
يجب ألا تُتاح مساحة لتداول الإثارة والحقد، بل لينقل الإعلام النجاحات الحقيقية، ويرصد عمليات الإصلاح، ويحصّن المشهد الرياضي من التعصب الرخيص.
و لا مانع ان تستعين مجالس الإدارات باصحاب الخبرات و من لهم روية بعيده المدي في وضع استراتيجية لعمل منظومة رياضية قادرة علي النجاح و الصمود و تحدي المعوقات سواء المادية او الإدارية
الخاتمة
لن تنهض الرياضة في ظل منظومة تحكمها تصفية الحسابات وتُدارها الأهواء. الإصلاح يبدأ حين نُطلِق العنان للعدالة، حين نُعلّي قيمة الكفاءة والشفافية، ونمسك القرار بالمُصلحة العامة لا بالمقامرة الذاتية. الرياضة ليست ساحة خصومات، بل ميدان شريف للتنافس. ومن أراد أن يُصلحها فلا بد أن يتجرد من ذاته، ويتجاوز حقده، ويُقرّ أن الرياضة تبني الأمم لكنها لا تُبنى بقلوب يعتريها الحقد، ولا بأيدٍ تحفظ ماء الوجه على حساب مستقبل الوطن و مستقبل أبناءنا الصغار الحالمون بمستقبل لهم في مجال الرياضة و لديهم امل لتحقيق إنجازات في حياتهم و لكنها قد تدمر تحت وطأة المعارك الانتخابية