مقالات
الدكتور الشاعر مصطفي رجب يكتب:من الذاكرة ( رجاء عيد )

الدكتور الشاعر مصطفي رجب يكتب:من الذاكرة ( رجاء عيد )
كان أستاذنا المرحوم الدكتور رجاء عيد نموذجا فريدا ، ونمطا غريبا ، بين أساتذتنا بجامعة أسيوط في أواسط السبعينيات من القرن الماضي ، كان أنيقا شديد الأناقة في هندامه ، يدخن ” البايب” أحيانا ، والسجاير أحيانا ، ولعله كان الوحيد الذي يدخن [ في أثناء التدريس] من بين كل أساتذتنا ، درَّس لنا مقررات البلاغة والنقد ثلاث مرات في السنوات الثلاث الأُوَل من مرحلة الليسانس ، كان هو رئيسا لقسم اللغة العربية بآداب المنيا في بعض تلك الأعوام ، . ولم يخل عام من الأعوام الثلاثة من مشكلة بيني وبينه ، كان يكره أن يجادله أحد ، ويحب ألا يقاطعه أحد في أثناء شرحه ، كان يقرأ فقرة من كتاب له ثم يشرحها ، وأحيانا يسألنا ليتأكد من فهمنا ، أو يسألنا ليتحدث بعضنا ريثما يلتقط هو أنفاسا من سيجارته . أو يفكر فيما سأل طلابه عنه ، فقد كان في كتاباته مغرما بالإغراب ، مولعا بابتكار تراكيب غامضة من التعبير .
وكنت أنا شغوفا بمجادلته ، محبا لمقاطعته ، فقد كانت ملامح وجهه الباسم وشعره المنكوش دائما ، تصبح أروع حين ينفعل ويصرخ أو يتصنع ذلك !!
نشر مرة مقالا في مجلة الثقافة [ التي كان يحررها يوسف السباعي رحمه الله ثم تولاها من بعده د. عبد العزيز الدسوقي ،] كان عنوانه ( في الصورة الشعرية ) وكان المقال المذكور – كأكثر كتابات د. رجاء عيد – غابة متشابكة من جمل متنافرة لا تعرف لها رأساً من ذَنَب !! وفي هذا المقال وضع للصورة الشعرية تعريفا يقول فيه :
” إن الصورة الشعرية ما هي إلا انفعال ذاهل ، يعتمد على إساغة فكرية ، تُطعم خيالا يستبطن ما ورائيات المظاهر المسطحة التي يدعمها ما يشبه ابتهالا صوفيا يقوم على مهارة خادعة في التوليد والتلفيق !!! ”
وقد حفظت أنا هذا التعريف- لغرابته – سنة نشره 1975 وما أزال أحفظه وأكتبه الآن من الذاكرة .!! ثم وقعت الواقعة :
بدأ د. رجاء بعد نشر المقال بأكثر من عام ونصف العام يشرح لنا ” الصورة الشعرية ” في إحدى محاضرات البلاغة والنقد . ثم سأل ببراءة كانت تقفز من عينيه طول الوقت : ” حد يا اولاد فيكم فاهم يعني إيه ” صورة شعرية ” ؟ فرفعت يدي فأوقفني متوجسا [ لتاريخي معه !! ] وقال : قل يا مصطفى أفندي تعرف إيه عن الصورة الشعرية وأنت شاعر ؟ فقلت بحماس وكأنني سعد زغلول يخطب في مظاهرة من الصيادين :
” إن الصورة الشعرية ما هي إلا انفعال ذاهل ، يعتمد على إساغة فكرية ، تُطعم خيالا يستبطن ما ورائيات المظاهر المسطحة التي يدعمها ما يشبه ابتهالا صوفيا يقوم على مهارة خادعة في التوليد والتلفيق !!! ”
صفقت دفعتي تحمسا للخطبة ، وسط ( اذبهلال ) الرجل ودهشته الواضحة ، ثم سألني ببراءته التاريخية : جبت الكلام الفارغ ده منين ياله ؟
فأجبته بكل ما يملكه صعيدي من عَبَط : من مقال سيادتك يا دكتور بمجلة الثقافة !! فرد رحمه الله بكل حنان مشيرا بيده إلى الباب :
– اخرج بره المحاضرة يا حيوان !!!
وكنت أنا شغوفا بمجادلته ، محبا لمقاطعته ، فقد كانت ملامح وجهه الباسم وشعره المنكوش دائما ، تصبح أروع حين ينفعل ويصرخ أو يتصنع ذلك !!
نشر مرة مقالا في مجلة الثقافة [ التي كان يحررها يوسف السباعي رحمه الله ثم تولاها من بعده د. عبد العزيز الدسوقي ،] كان عنوانه ( في الصورة الشعرية ) وكان المقال المذكور – كأكثر كتابات د. رجاء عيد – غابة متشابكة من جمل متنافرة لا تعرف لها رأساً من ذَنَب !! وفي هذا المقال وضع للصورة الشعرية تعريفا يقول فيه :
” إن الصورة الشعرية ما هي إلا انفعال ذاهل ، يعتمد على إساغة فكرية ، تُطعم خيالا يستبطن ما ورائيات المظاهر المسطحة التي يدعمها ما يشبه ابتهالا صوفيا يقوم على مهارة خادعة في التوليد والتلفيق !!! ”
وقد حفظت أنا هذا التعريف- لغرابته – سنة نشره 1975 وما أزال أحفظه وأكتبه الآن من الذاكرة .!! ثم وقعت الواقعة :
بدأ د. رجاء بعد نشر المقال بأكثر من عام ونصف العام يشرح لنا ” الصورة الشعرية ” في إحدى محاضرات البلاغة والنقد . ثم سأل ببراءة كانت تقفز من عينيه طول الوقت : ” حد يا اولاد فيكم فاهم يعني إيه ” صورة شعرية ” ؟ فرفعت يدي فأوقفني متوجسا [ لتاريخي معه !! ] وقال : قل يا مصطفى أفندي تعرف إيه عن الصورة الشعرية وأنت شاعر ؟ فقلت بحماس وكأنني سعد زغلول يخطب في مظاهرة من الصيادين :
” إن الصورة الشعرية ما هي إلا انفعال ذاهل ، يعتمد على إساغة فكرية ، تُطعم خيالا يستبطن ما ورائيات المظاهر المسطحة التي يدعمها ما يشبه ابتهالا صوفيا يقوم على مهارة خادعة في التوليد والتلفيق !!! ”
صفقت دفعتي تحمسا للخطبة ، وسط ( اذبهلال ) الرجل ودهشته الواضحة ، ثم سألني ببراءته التاريخية : جبت الكلام الفارغ ده منين ياله ؟
فأجبته بكل ما يملكه صعيدي من عَبَط : من مقال سيادتك يا دكتور بمجلة الثقافة !! فرد رحمه الله بكل حنان مشيرا بيده إلى الباب :
– اخرج بره المحاضرة يا حيوان !!!