أخبارتقارير و تحقيقات

رسوم جمركية أمريكية تشعل حربا اقتصادية مع أوروبا.. ومصر تترقب التأثيرات

 

 

قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت،أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة اقتربت من جمع ما يقرب من 100 مليار دولار من الرسوم الجمركية، مشيرًا في مقابلة مع شبكة “فوكس بيزنس” إلى أن هذا الرقم قد يتضاعف ليبلغ 300 مليار دولار سنويًا إذا استمرت السياسات الحالية. هذا التصريح يأتي في وقتٍ حساس يشهد تصعيدًا اقتصاديًا حادًا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على خلفية خلافات جمركية وتجارية تتجه نحو ما يشبه “الحرب التجارية الباردة”.

تصاعدت التوترات بين ضفتي الأطلسي  مؤخرًا مع إعلان الإدارة الأميركية نيتها فرض رسوم جمركية تتراوح بين 15% و30% على المنتجات الأوروبية، لا سيما في قطاعات المعادن، الأدوية، والرقائق الإلكترونية، وهو ما قوبل بردود أوروبية غاضبة. إذ يستعد الاتحاد الأوروبي لتطبيق إجراءات انتقامية مضادة، تشمل فرض رسوم على واردات أمريكية استراتيجية، مثل الحبوب والتكنولوجيا والسيارات، بالإضافة إلى تضييق الخناق على الاستثمارات الأمريكية داخل القارة.

بررت الولايات المتحدة  هذا التصعيد بوصف بعض السياسات الأوروبية بأنها “غير عادلة”، متهمة بروكسل بفرض حواجز جمركية وغير جمركية على المنتجات الأميركية، فيما توعدت أوروبا باستخدام ما تُعرف بـ”أداة مكافحة الإكراه” التي تتيح فرض عقوبات على الشركات الأميركية وحرمانها من المناقصات الحكومية.

وفيما يلوّح الطرفان بالتصعيد، لا تزال الجهود الدبلوماسية قائمة لمحاولة تجنب الوصول إلى نقطة اللاعودة، وسط مفاوضات معقدة يبدو أن فرص نجاحها تتضاءل بسبب تمسك كل طرف بمطالبه.

التأثيرات على مصر: غير مباشرة لكنها محسوسة

ورغم أن مصر ليست طرفًا مباشرًا في هذه الحرب التجارية، إلا أن التأثيرات غير المباشرة على الاقتصاد المصري تلوح في الأفق، لا سيما في ظل التوترات العالمية المتزايدة في سلاسل الإمداد والأسواق.

أول هذه التأثيرات المحتملة تتعلق بارتفاع فاتورة الاستيراد، نتيجة تضخم عالمي محتمل قد يرفع أسعار السلع الأساسية، ما ينعكس سلبًا على الميزان التجاري المصري. كذلك، فإن أي انخفاض في حركة التجارة العالمية سيؤثر بطبيعة الحال على إيرادات قناة السويس، والتي تشكل مصدرًا حيويًا للدخل القومي.

أما على مستوى الاستثمار، فإن اضطراب المناخ الاقتصادي العالمي يزيد من حالة التردد لدى المستثمرين الأجانب، ما قد يؤدي إلى صعوبة في جذب رؤوس الأموال الجديدة، لا سيما في القطاعات الصناعية والتكنولوجية.

فرصة نادرة لقطاعات مصرية محددة

في المقابل، قد تستفيد مصر من فرص تصديرية محدودة، في حال تقليص أوروبا والصين من صادراتهما إلى الولايات المتحدة. قطاع المنسوجات والملابس تحديدًا، الذي يتمتع بإعفاءات جزئية من خلال اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، قد يجد فرصة لتعزيز حضوره في السوق الأميركي إذا استوفت المنتجات المصرية المتطلبات الفنية والجودة العالية.

ورغم محدودية التأثير الإيجابي المتوقع، إلا أن هذه الفرصة تظل مشروطة بسرعة التحرك الحكومي، ودعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير حوافز للتصدير.

هل تتأثر العلاقات التجارية المصرية الأميركية والأوروبية؟

تُعد العلاقات التجارية لمصر مع أوروبا أكبر حجمًا نسبيًا من نظيرتها مع الولايات المتحدة، لكن لا تُصنف مصر كأحد الشركاء الرئيسيين لأي منهما، ما يُقلل من فرص التأثر المباشر. إلا أن قطاعات تصديرية مصرية مثل الحاصلات الزراعية والمنسوجات قد تشهد تباطؤًا في الطلب، أو تأثرًا بأسعار الشحن وسلاسل التوريد.

من جهة أخرى، فإن احتمال ارتفاع أسعار الفائدة العالمية نتيجة الضغوط التضخمية، قد يؤثر على تكلفة الاقتراض الخارجي لمصر، ما يُضيف أعباء جديدة على موازنتها العامة، وجهودها لجذب الاستثمارات.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى