
حسام حفني
أثار بيان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف حول ما وصفه بـ”جريمة تجويع غزة والإبادة الجماعية” حالة من الجدل وردود الأفعال الواسعة على منصات التواصل الاجتماعي وذلك بعد سحبه من الصفحة الرسمية للمجمع بعد ساعات قليلة من نشره الأمر الذي اعتبره البعض تراجعا مفاجئا أثار العديد من التساؤلات.
وكان البيان قد أدان بشدة الحصار المفروض على قطاع غزة، واصفًا إياه بـ”جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان” كما انتقد الصمت الدولي تجاه ما يتعرض له المدنيون مؤكدا أن استخدام التجويع كسلاح هو انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية والقيم الإنسانية والشرائع السماوية وحظي البيان بإشادة كبيرة من نشطاء ومثقفين وحقوقيين الذين اعتبروه موقفا واضحا وجريئا من مؤسسة الأزهر إحدى أكبر المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي.
إلا أن الحذف المفاجئ للبيان دون توضيح فوري دفع إلى تصاعد موجة من الجدل حيث أطلق الآلاف من رواد مواقع التواصل وسومًا مثل #الأزهر و#غزة_تجوع معبرين عن استيائهم مما اعتبروه “تراجعا غير مبرر في لحظة إنسانية حرجة” خاصة في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها المدنيون في قطاع غزة.
رد الأزهر: مراعاة للهدنة الإنسانية
وفي أول تعليق رسمي على قرار سحب البيان، قال الأزهر الشريف في توضيح مقتضب:”بادرنا بسحب بيان غزة بكل شجاعة ومسؤولية أمام الله، حين أدركنا أنه قد يؤثر على المفاوضات الجارية بشأن إقرار هدنة إنسانية في غزة لإنقاذ الأبرياء، وحتى لا يُتخذ منه ذريعة للتراجع عن التفاوض أو المساومة فيها.”
هذا التوضيح قوبل بتباين في الآراء إذ رأى بعض المتابعين أنه يعكس “حسا عاليا بالمسؤولية السياسية والإنسانية”، فيما اعتبره آخرون “موقفا رماديا لا يتناسب مع مكانة الأزهر ودوره التاريخي في دعم القضايا العادلة” مشددين على أن “نصرة المظلوم لا ينبغي أن تخضع لحسابات التفاوض”.
دعوات لإعادة نشر البيان وتوضيح الموقف
وفي ظل استمرار التفاعل مع القضية لا تزال الدعوات تتصاعد لإعادة نشر البيان أو إصدار صيغة توضيحية جديدة تعبر عن موقف الأزهر الواضح من المأساة الإنسانية في غزة مع التأكيد على أن “المؤسسات الدينية مطالبة بلعب دور فاعل وأخلاقي في القضايا الإنسانية بعيدا عن أي حسابات سياسية”.
ويأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه غزة أوضاعا إنسانية متدهورة وسط تحذيرات دولية من مجاعة وشيكة، واستمرار العمليات العسكرية والحصار الخانق الذي يطول المدنيين في كافة مناطق القطاع.
في انتظار موقف أكثر وضوحا تبقى القضية مفتوحة على جميع الاحتمالات، وتظل التساؤلات قائمة حول حدود التعبير الديني في لحظات الأزمات الكبرى، ودور الأزهر في تمثيل صوت الضمير الإسلامي والإنساني.