ماكرون ومصر.. شغف الرئيس الفرنسي بتعزيز العلاقات والاحتفاء بالثقافة المصرية

ماكرون ومصر.. شغف الرئيس الفرنسي بتعزيز العلاقات والاحتفاء بالثقافة المصرية
كتب :حسام حفني
منذ تولي الرئيس إيمانويل ماكرون رئاسة فرنسا اهتم بتعزيز الروابط مع مصر و التركيز على تقوية التعاون بين باريس والقاهرة في العديد من المجالات الحيوية ويظهر واضحا من تصريحات وأفعال ماكرون خلال زياراته الرسمية إلى مصر أن لديه تقديرا كبيرا للثقافة المصرية وأهمية مصر في المنطقة وبخاصة بعد حرصه على زيارة منطقة الحسين وخان الخليلي وفي هذا التقرير نستعرض أبرز ملامح العلاقات الفرنسية المصرية في فترة رئاسة ماكرون.
لقد كانت العلاقات السياسية بين مصر وفرنسا منذ فترة طويلة من أهم المحاور في السياسة الخارجية للبلدين ومع تولي ماكرون منصب الرئاسة في 2017 تسارعت وتيرة التعاون بين الجانبين. ويعتبر ماكرون أن مصر تلعب دورا محوريا في استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لذلك أبدى ماكرون دعما قويا لمصر في عدة قضايا إقليمية ودولية مثل مكافحة الإرهاب والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والتوترات في ليبيا.
الرئيس الفرنسي ماكرون يعتبر أن مصر هي حجر الزاوية في استقرار المنطقة وقد أظهر ذلك من خلال مواقف فرنسا المؤيدة لمصر في عدة محافل دولية بما في ذلك في الأمم المتحدة إضافة إلى ذلك تواصلت اللقاءات الثنائية بين الرئيسين الفرنسي والمصري لتعزيز التعاون الأمني والعسكري لمكافحة الإرهاب خصوصا في ضوء التحديات التي تواجهها مصر في مكافحة التطرف العنيف.
على صعيد الاقتصاد يسعى الرئيس الفرنسي إلى زيادة التبادل التجاري بين البلدين حيث أن مصر تمثل سوقا واعدة للشركات الفرنسية في مجالات مثل الطاقة والبنية التحتية والطيران والنقل و على الجانب الآخر تسعى فرنسا إلى توسيع استثماراتها في مصر خاصة في القطاعات التكنولوجية والصناعية.
وقد أظهرت الإحصائيات أن هناك نموا ملحوظا في حجم التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة ومن بين المبادرات البارزة هي مشروع بناء محطة الطاقة النووية في الضبعة بالتعاون بين الحكومتين المصرية والفرنسية وهو مشروع ضخم يعكس التوجه الفرنسي لتوسيع نطاق التعاون مع مصر في مجالات الطاقة.
كما يعتبر المجال الثقافي من أبرز المجالات التي تميز العلاقات المصرية-الفرنسية حيث يشترك البلدان في تاريخ طويل من التبادل الثقافي والفني ويمثل ماكرون هذه الروح من خلال دعمه للثقافة المصرية حيث كان حريصا على تعزيز الأنشطة الثقافية بين البلدين كما كانت زيارة ماكرون إلى مصر فرصة لتكريس المزيد من التعاون الثقافي بين باريس والقاهرة حيث تم الاتفاق على تبادل الفعاليات الثقافية والفنية مثل المعارض والمهرجانات.
ومن الناحية التعليمية عملت فرنسا على تعزيز الروابط الأكاديمية مع مصر من خلال تبادل الطلاب والأستاذة إضافة إلى المنح الدراسية التي تقدمها فرنسا للطلاب المصريين كما تسعى الجامعات الفرنسية إلى زيادة عدد فروعها في مصر لتوسيع نطاق التعاون الأكاديمي.
كما تمثل مصر وجهة سياحية هامة للسياح الفرنسيين وهو ما ينعكس في الزيادة المستمرة في عدد السياح الفرنسيين الذين يزورون مصر سنويا وقد أشار الرئيس ماكرون في أكثر من مرة إلى أن فرنسا تدعم الجهود المصرية لتعزيز السياحة خاصة السياحة الثقافية المرتبطة الأهرامات والمواقع التاريخية الأخرى.
وقد شدد على ضرورة استمرار التعاون بين البلدين لزيادة تدفق السياح ودعم مشروعات السياحة المستدامة.
من أبرز اللحظات التي تم خلالها تأكيد عمق العلاقات الثنائية هي زيارة ماكرون لمصر في عام 2019 وخلال الزيارة الخاليه لمصر أبدى ماكرون إعجابه بالتاريخ المصري والحضارة الفرعونية وركزت الزيارة على تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والتعليم والثقافة حيث تم التوقيع على عدة اتفاقيات في تلك المجالات كما تناولت الزيارة العديد من القضايا الإقليمية والدولية بما في ذلك الوضع في ليبيا والأزمة السورية وأزمة الشرق الأوسط بشكل عام.
فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدوليةكان ماكرون دائما داعما للمواقف المصرية في التعامل مع التحديات الإقليمية وأكد ماكرون مرارا على ضرورة حل النزاعات في منطقة الشرق الأوسط بالطرق السلمية وأعرب عن دعم فرنسا لجهود مصر في هذا الشأن خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وفيما يخص الوضع في ليبيا كانت هناك توافقات كبيرة بين باريس والقاهرة حول ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية حيث تسعى فرنسا ومصر معًا إلى دعم حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
ومن هنا يمكن القول إن العلاقات بين مصر وفرنسا تحت قيادة الرئيسين عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية والرئيس ماكرون تشهد مرحلة من النمو والتطور في جميع المجالات حيث ماكرون يسعى إلى بناء شراكة استراتيجية تعود بالفائدة على البلدين وتدعم استقرار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال التعاون في مجالات السياسة، والاقتصاد والثقافة والتعليم كما يواصل الرئيس الفرنسي دعم العلاقات الثنائية ويظهر اهتماما كبيرا بتطويرها على المدى الطويل.
من خلال هذه الجهود، تظل العلاقات الفرنسية-المصرية نموذجا ناجحا للتعاون بين دول شمال أفريقيا ودول الاتحاد الأوروبي مع آفاق واسعة من التعاون المستقبلي في العديد من المجالات الحيوية.